اَلسَّلَامُ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
اَلْحَمْدُ
ِللهِ، اَلْحَمْدُ ِللهِ الَّذِى اَرْسَلَ رَسُوْلَهُ بِالْهُدَى وَدِيْنِ
الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيْنِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُوْنَ،
وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُوْنَ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُنَافِقُوْنَ. أَشْهَدُ
أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، إِلٰهُ الْأَوَّلِيْنَ
وَالْآخِرِيْنَ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ أَصْفَى
الْأَصْفِيَاءِ وَأَتْقَى الْمُتَّقِيْنَ. اَللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَى حَبِيْبِكَ
سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ. وَعَلَى
آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْمُخْلِصِيْنَ الصَّادِقِيْنَ وَعَلَى الَّذِيْنَ
اتَّبَعُوْهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
أَمَّا بَعْدُ فَيَا إِخْوَتِيْ الْمُوَاطِنُوْنَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ الصَّالِحِيْنَ، أَقُوْمُ هُنَا أَمَامَكُمْ فِى هٰذِهِ الْفُرْصَةِ السَّعِيْدَةِ عَمَلًا لِسُنَّةِ التّوْصِيَّةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِيْنَ الصَّالِحِيْنَ، وَتَبَعُّدًا عَنِ الْخُسْرَانِ الْمُنْذَرِ عَلَى مَنْ لَا يَعْمَلُ بِهَا. وَفِى هٰذِهِ الْمُنَاسَبَةِ، أُرِيْدُ أَنْ أُلْقِيَ مُحَاضَرَةً قَصِيْرَةً تَحْتَ الْمَوْضُوْعِ: أَدْوَارُ الْمُسْلِمِيْنَ فِى مُرَافَقَةِ التَّسَامُحِ الدِّيْنِيِّ لِلتَّقَدُّمِ الْوَطَنِيِّ فِى إِنْدُوْنِيْسِيَا.
أَيُّهَا
الْمُوَاطِنُوْنَ وَيَا إِخْوَتِيْ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ الصَّالِحِيْنَ...
إِنَّ
بَلْدَتَنَا إِنْدُوْنِيْسِيَا قَدْ نَالَتْ شَهْرَةً وَاسِعَةً فِى الْعَالَمِ
بِأَنَّهَا بَلْدَةٌ لَهَا أَكْثَرُ التَّسَامُحِ بَيْنَ أَدْيَانِهَا
الرَّسْمِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ. يَعْمَلُ كُلُّ أَفْرَادٍ ذِيْ الدِّيْنِ فِى
مُمَارَسَةِ عِبَادَتِهِمْ خَاشِعًا وَمُتَمَتِّعًا، بَعِيْدًا عَنْ الْخَوْفِ وَالْقَلَقِ. لَا نَسْمَعُ
أَيَّ حَوَادِثِ الصِّرَاعِ بَيْنَ أَتْبَاعِ الْأَدْيَانِ فِى إِنْدُوْنِيْسِيَا
تَفْجُرُ بِسَبَبِ اِخْتِلَافِهِمُ الدِّيْنِيِّ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا أَكْثَرُ
الصَّرْعَةِ يَحْدُثُ بِسَبَبِ التَّفَاوُتِ الْاِقْتِصَادِيِّ وَالسِّيَاسِيِّ.
كُلُّ
أَدْيَانٍ فِى إِنْدُوْنِيْسِيَا أَغْلَبِهَا وَأَقَلِّهَا مَحْجُوْزَةٌ وَيُحَامِيْهَا
الْقَانُوْنِ وَالثَّقَافَةِ بِكِلَيْهِمَا. فَمِنْ نَاهِيَةِ الْقَانُوْنِ فَكَانَ
اَلدُّسْتُوْرُ الْأَسَسِي سَنَةَ 1945 يَضْمَنُ الْحُرِّيَّةَ الدِّيْنِيَّةَ فِى
إِنْدُوْنِيْسِيَا كَمَا يَضْمَنُ أَيْضًا كُلَّ أَفْرَادِ أَنْ يَتَعَبَّدَ
حَسْبَ اِعْتِقَادِهِ الدِّيْنِيِّ. وَمِنْ نَاهِيَةِ الثَّقَافَةِ فَقَدْ ثَبَتَ فِى
التّارِيْخِ الْإِنْدُوْنِيْسِيِّ أَنَّ كُلَّ الْأَدْيَانِ الْمَوْجُوْدَةِ
فِيْهَا اِنْتَشَرَتْ فِى اِبْتِدَائِهَا عَلَى سَبِيْلِ السَّلَامِ
وَالْمُعَامَلَةِ، لَا عَلَى سَبِيْلِ الْحَرْبِ وَالاِحْتِلَالِ. فَإِنْ رَأَسَ
بَعْضُ الْأَدْيَانِ عَلَى الْأُخْرَى فِى مَمَرِّ الزَّمَانِ، فَإِنَّمَا ذٰلِكَ
مِنْ مَظَاهِرِ السِّيَاسِ الْعَادِي، وَلَا يُصَوِّرُ ذٰلِكَ قَمْعَ الدِّيْنِ
عَلَى الْأَدْيَانِ الْأُخْرَى. وَبِالتَّالِى، أَنَّ الْمُجْتَمَعَ
الْإِنْدُوْنِيْسِيَّ فِى حَيَاتِهِمُ الْيُوْمِيَّةِ قَدْ اِعْتَادَ
بِالتَّنَوُّعِ وَالْاِخْتِلَافِ مَعَ أَنَّهُمْ تَنَوَّعُوْا وَاخْتَلَفُوْا
شُعُوْبًا وَأَلْوَانًا وَلُغَاتٍ. فَإِنَّنَا لَنَجِدُ إِنْدُوْنِيْسِيَا
تَحْتَوِى عَلَى أَلَافٍ مِنَ الْجَزَائِرِ مُنْتَشِرًا مِنَ سَبَانج حَتَّى
مِيرَوْكِي.
أَيُّهَا
الْمُوَاطِنُوْنَ وَيَا إِخْوَاتِيْ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ الصَّالِحِيْنَ.
إِنَّ
الْقُرْآنَ الْكَرِيْمَ الْمُنَزَّلَ عَلَيْنَا، وَالْأَحَادِيْثَ الشَّرِيْفَةَ
الْوَاصِلَةَ إِلَيْنَا، قَدْ بَيَّنَا أَنَّ الْإِسْلَامَ دِيْنٌ شَامِلٌ،
اُنْزِلَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِيْنَ، مُنْتَشِرٌ إِلَى أَنْحَاءِ الْعَالَمِ
بِالسَّلَامِ. رَغِمَ أَنَّ كَذٰلِكَ، لَا يَنْبَغِى لِلْمُسْلِمِيْنَ
بِدِيْنِهِمُ الْعَالِي أَنْ يُكْرِهُوْا أَتْبَاعَ الْأَدْيَانِ الْأُخْرَى
لِيَدْخُلُوْا فِى الْإِسْلَامِ. إِذَا تَأَمَّلْنَا بِدِقَّةٍ قَوْلَ اللهِ
تَعَالَى فِى سُوْرَةِ الْبَقَرَةِ أَيَةَ 255 – 256، فَفَهِمْنَا هٰذَا الْأَمْرَ
. بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ اللهُ التَّوْحِيْدَ وَقُوَّتَهُ وَقُدْرَتَهُ فِى آيَةِ
255، اَلْمَشْهُوْرَةِ بِاِسْمِ آيَةِ الْكَرْسِي، أَكَّدَ اللهُ بِأَنَّهُ لَا
يُكْرِهُ النَّاسَ بِالْإِيْمَانِ وَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمُ الرُّشْدُ وَالْغَيُّ
بِقَوْلِهِ: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ
الْغَيِّ ۚ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ). وَفِى آيَةٍ أُخْرَى نَهَى اللهُ الْاِخْتِلَاطَ
بَيْنَ الْأَدْيَانِ وَحَدَّدَ أَمْرَ الْاِعْتِقَادِ كَشَأْنٍ لَيِسَ لَهُ
وُصُوْلٌ إِلَى حَلِّ وَسْطٍ فَقَالَ: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).
وَمِنْ
نَاهِيَةِ التَّارِيْخِ، أَنَّ السِّيْرَةَ النَّبَوِيَّةَ مِنَ الْأَحَادِيْثِ
الشَّرِيْفَةِ قَدْ سَجَّلَتْ التَّفَاعُلَ السِّلْمِيَّ الَّذِى مَارَسَ بِهِ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ. عَرَفْنَا حَقًّا كَيْفَ اِهْتَمَّ
الرَّسُوْلِ بِالتَّاسَامُحِ الدِّيْنِيِّ فَبَدَأَ الْمُجْتَمَعَ الْمَدَنِيِّ
بِمِيْثَاقِ الْمَدِيْنَةِ الْمُنَوَّرَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ وَالْيَهُوْدِ
وَالنَّصَارَى.
وَكَذٰلِكَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدَةُ
وَرُؤَسَاءُ الْمُسْلِمِيْنَ بَعْدَهُمْ فِى مَدَى الْعُصُوْرِ الثَّقَافِيَّةِ
الْإِسْلَامِيَّةِ. هُمْ بِرِئَاسَتِهِمْ كَانُوْا لَا يَقْمَعُوْنَ أَتْبَاعَ
الْأَدْيَانِ الْأُخْرَى بِاِسْمِ الدِّيْنِ. رَغِمَ أَنَّ التَّارِيْخَ
الْإِسْلَامِيَّ سَجَّلَ بَعْضَ المُلُكِ الْمُسْلِمِيْنَ بِالْحِبْرِ الْأَسْوَدِ
طُغْيَانًا، بَلْ لَوَجَدْنَا كَانَ الإِسْلَامُ فِى عَصْرِهِ زَجَرَ عَنْهُ
وَدَفَعَهُ.
أَيُّهَا
الْمُوَاطِنُوْنَ وَيَا إِخْوَتِيْ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ الصَّالِحِيْنَ...
فَمَا
أَدْوَارُنَا نَحْنُ كَالْمُسْلِمِيْنَ الْمُوَاطِنِيْنَ فِى إِنْدُوْنِيْسِيَا
فِى مُرَافَقَةِ التَّاسَامُحِ الدِّيْنِيِّ؟ فَيُمْكِنُ أَنْ نَبْحَثَهُ فِى
ثَلَاثِ نُقَاتٍ مُهِمَّةٍ:
أَوَّلًا:
يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ أَنْ يُذَاكِرُوْا هَدْفَ خَلْقِهِ فِى هٰذِهِ
الدُّنْيَا لِيَكُوْنُوْا خُلَفَاءَ اللهِ فِيْهَا. مَعَ هٰذَا الْوَعْيِ
فَالْمُسْلِمُوْنَ الصَّالِحُوْنَ لَنْ يُرِيْدُوْا أَنْ يَبْدَأُوْا
الْمُصَارَعَةَ بَيْنَ الْأَدْيَانِ لِأَنْهَا تُؤَدِّي إِلَى فَسَادِ الْأَرْضِ
الَّذِي كَرَهَهُ اللهُ.
ثَانِيًا:
عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ الْإِنْدُوْنِيْسِيِّيْنَ أَنْ يُدْرِكُوْا اِخْتِمَالَ
وُجُوْدِهِمْ فِى الْعَالَمِ. أَنَّ الْمُسْلِمِيْنَ الْعَالَمِيِّ بِعَدَدِهِمْ
أَكْثَرُ مِنْ بِلْيُوْنَ. هٰذَا الْمَبْلَغُ يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ عَلَى
السِّلْمِ الْعَالَمِيِّ. وَبِإِدْرَاكِ هٰذَا الشَّأْنِ، فَيَحْذَرُ
الْمُسْلِمُوْنَ فِى تَعْيِيْنَ خُطُوَاتِهِمُ الْمُجْتَمَعِيَّةِ. لِأَنَّ
الْخُطَأَ فِيْهَا بَتَّةً سَيُؤَدِّيْ إِلَى الْحَرْبِ الْعَالَمِيِّ الْقَاتِلِ.
ثَالِثًا:
اَلْمُسْلِمُوْنْ فِى إِنْدُوْنِيْسِيَا قَدْ بَذَلُوْا جُهُوْدًا كَبِيْرًا
لِحُصُوْلِ الْاِسْتِقْلَالِ مِنَ الْمُسْتَعْمِرِيْنَ. وَإِنْدُوْنِيْسِيَا
لَيْسَ فَقَطْ بَيْتًا لِلْمُسْلِمِيْنَ. بَلِ الْاِسْتِقْلَالُ يَنْطَوِى كُلَّ
جُزْءِ الْوَطَنِ مُسْلِمً أَوْ غَيْرَهُ.
إِنْدُوْنِيْسِيَا
هٰذَا فَضَاءٌ مُظِلٌّ لِلْجَامِعِ الْكُلِّ لِمَنْ اَرَادَ ظِلَالُهَا.
أَيُّهَا
الْمُوَاطِنُوْنَ وَإِخْوَاتِيْ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ الصَّالِحِيْنَ...
اِكْتِفَاأً
لِهٰذِهِ الْخُطْبَةِ أُرِيْدُ أَنْ أُلْقِيَ بِضْعَةَ الْآيَةِ الَّتِى
تَظْهَرُ خُوَّاصَ الْمُسْلِمِيْنَ فِى
مُعَامَلَةِ الْكُفَّارِ وَإِنْ نَقَضُوْا وَخَانُوْا، فَقَالَ تَعَالَى: (... فَاعْفُ
عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). فَلَعَلَّنَا بِمَا
قَسَطْنَا فَائِزِيْنَ وَبِمَا عَدَلْنَا غَالِبِيْنَ.
وَالسَّلَامُ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
bisa bantu translate pidato indo ke arab?
BalasHapusسكراً 😊🙏
BalasHapusIzin pkek teksnya kak. Syukron.
BalasHapusIjin pakai teksnya yaa
BalasHapus